مختارات من السيرة





,

قصيدة كانت سببا في فتح مكه

 

جاء في البداية والنهاية لابن كثير ,,, ذكر محمد بن إسحاق: عن المسور بن مخرمة، ومروان بن الحكم أنهما حدثاه جميعا قالا: كان في صلح الحديبية أنه من شاء أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل، ومن شاء أن يدخل في عقد قريش وعهدهم فدخلت خزاعة  في عقد محمد وعهده، ودخلت بنو بكر  في عقد قريش وعهدهم، فمكثوا في تلك الهدنة نحو السبعة أو الثمانية عشر شهرا. ثم إن بني بكر وثبوا على خزاعة ليلا بماء يقال له الوتير، وهو قريب من مكة.وقالت قريش: ما يعلم بنا محمد وهذا الليل، وما يرانا من أحد فأعانوهم عليهم ، وقاتلوهم معهم ،

وأن عمرو بن سالم ركب عند ما كان من أمر خزاعة وبني بكر بالوتير،

حتى قدم على رسول الله يخبر الخبر.

وقد قال أبيات شعر، فلما قدم على رسول الله أنشدها إياه:

يا رب إني ناشد محمدا * حلف أبيه وأبينا الأتلدا

قد كنتموا ولدا وكنا والدا * ثم أسلمنا فلم   ننزع يدا

فانصر رسول الله نصرا أبدا * وادع عباد الله يأتوا مددا

في فيلق كالبحر يجري مزبدا * إن قريشا أخلفوك الموعدا  

ونقضوا ميثاقك المؤكدا * وجعلوا لي في كداء رصدا  

وزعموا أن لست أدعو أحدا * فهم أذل وأقل عددا  

هم بيتونا بالوتير هجدا * وقتلونا ركعا وسجدا


فقال رسول الله : «نصرت يا عمرو بن سالم»

وأمر رسول الله الناس بالجهاز
وكان فتح مكة

عرض الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه على القبائل

قبيلة بني شيبان


في أثناء عرض النبي -صلى الله عليه وسلم- نفسه على القبائل في موسم الحج بحثا عن قبيلة تحميه، كان هذا المشهد الذي نلتقطه من الحوار مع قبيلة بني شيبان:
دخل أبو بكر على مجلس القوم فقال: ممن القوم؟ قالوا: من بنى شيبان بن ثعلبة. فالتفت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: بأبي أنت وأمي! ليس بعد هؤلاء من عز في قومهم. وفى رواية: ليس وراء هؤلاء عذر من قومهم، وهؤلاء غرر في قومهم، وهؤلاء غرر الناس.

وكان في القوم مفروق بن عمرو، وهانئ بن قبيصة، والمثنى بن حارثة، والنعمان بن شريك، وكان أقرب القوم إلى أبي بكر مفروق بن عمرو، وكان مفروق بن عمرو قد غلب عليهم بيانا ولسانا، وكانت له غديرتان تسقطان على صدره، فكان أدنى القوم مجلسا من أبي بكر.

فقال له أبو بكر: كيف العدد فيكم؟ فقال له: إنا لنزيد على ألف، ولن تغلب ألف من قلة.

فقال له: فكيف المنعة فيكم؟ فقال: علينا الجهد ولكل قوم جد.

فقال أبو بكر: فكيف الحرب بينكم وبين عدوكم؟ فقال مفروق: إنا أشد ما نكون لقاء حين نغضب، وإنا لنؤثر الجياد على الأولاد، والسلاح على اللقاح، والنصر من عند الله؛ يديلنا مرة ويديل علينا مرة، لعلك أخو قريش؟
قال أبو بكر: إن كان بلغكم أنه رسول الله فها هو هذا.

فقال مفروق: قد بلغنا أنه يذكر ذلك.

ثم التفت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: إلام تدعو يا أخا قريش؟ فتقدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم، فجلس وقام أبو بكر يظله بثوبه، فقال -صلى الله عليه وسلم: "أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأني رسول الله، وأن تئووني وتنصروني، حتى أؤدي عن الله الذي أمرني به، فإن قريشا قد ظاهرت على أمر الله، وكذبت رسوله، واستغنت بالباطل عن الحق، والله هو الغني الحميد".

قال له: وإلام تدعو أيضا يا أخا قريش؟ فتلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم: {قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا}، إلى قوله: {ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون[الأنعام: 151-153].

فقال له مفروق: وإلام تدعو أيضا يا أخا قريش؟ فو الله ما هذا من كلام أهل الأرض، ولو كان من كلامهم لعرفناه.

فتلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم: {إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون[النحل: 90].
فقال له مفروق: دعوت والله يا أخا قريش إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، ولقد أفك قوم كذبوك وظاهروا عليك.

وكأنه أحب أن يشركه في الكلام هانئ بن قبيصة فقال: وهذا هانئ بن قبيصة شيخنا وصاحب ديننا.

فقال له هانئ: قد سمعت مقالتك يا أخا قريش، وصدقت قولك، وإني أرى أن تركنا ديننا واتباعنا إياك على دينك لمجلس جلسته إلينا، ليس له أول ولا آخر، لم نتفكر في أمرك، وننظر في عاقبة ما تدعو إليه -زلة في الرأي، وطيشة في العقل، وقلة نظر في العاقبة، وإنما تكون الزلة مع العجلة، وإن من ورائنا قوما نكره أن نعقد عليهم عقدا، ولكن ترجع ونرجع، وتنظر وننظر.

وكأنه أحب أن يشركه في الكلام المثنى بن حارثة فقال: وهذا المثنى شيخنا وصاحب حربنا.

فقال المثنى: قد سمعت مقالتك، واستحسنت قولك يا أخا قريش، وأعجبني ما تكلمت به، والجواب هو جواب هانئ بن قبيصة، في تركنا ديننا واتباعنا إياك لمجلس جلسته إلينا، وإنا إنما نزلنا بين صريين(1) أحدهما اليمامة، والآخر السماوة.

فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "وما هذان الصريان؟" فقال له: أما أحدهما فطفوف(2) البر وأرض العرب، وأما الآخر فأرض فارس وأنهار كسرى، وإنما نزلنا على عهد أخذه علينا كسرى أن لا نحدث حدثا، ولا نئوى محدثا، ولعل هذا الأمر الذي تدعونا إليه مما تكرهه الملوك، فأما ما كان مما يلي بلاد العرب فذنب صاحبه مغفور، وعذره مقبول، وأما ما كان مما يلي بلاد فارس فذنب صاحبه غير مغفور، وعذره غير مقبول، فإن أردت أن ننصرك ونمنعك مما يلي العرب فعلنا.

فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : "ما أسأتم الرد إذ أفصحتم بالصدق، إنه لا يقوم بدين الله إلا من حاطه من جميع جوانبه".

ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "أرأيتم إن لم تلبثوا إلا يسيرا حتى يمنحكم الله بلادهم وأموالهم ويفرشكم بناتهم، أتسبحون الله وتقدسونه؟" فقال له النعمان بن شريك: اللهم وإن ذلك لك يا أخا قريش. فتلا النبي -صلى الله عليه وسلم: {إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا * وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا}[الأحزاب: 45، 46](3).

 


Make a free website with Yola