الدرس الأول

 - مقدمة الكتاب

الحمد لله ربِّ العالمين ، والصلاةُ والسلامُ على سيِّدنا محمدٍ وعلى آله وأصحابهِ أجمعين ، أما بعد :

فهذا كتابُ التجويد المصوَّر أقدِّمه لأهلِ القرآن ، سائلاً اللهَ عزَّ وجلَّ أن يجعله سبباً لتسهيل وتوضيح دراسة هذا العلم ، وقد حرصتُ فيه على صحَّةِ المعلومات ، ودقَّة التعريفات ، ومزجتُ بين علمِ التجويدِ القديم وشيءٍ من حقائقِ علمِ الأصواتِ الحديثِ وفيزياءِ الأصواتِ ، مستعيناً بالرسومِ التوضيحيَّةِ والبيانيَّة لأعضاءِ النُّطقِ وما يتعلَّقُ بها ، وموظفاً للألوانِ في إبرازِ بعض المسائلِ التجويديةِ وتمييزِها عن بعض .

وزيادةً في الفائدةِ للمدارسِ والمعاهدِ القرآنيَّةِ فقد أرفقتُ بِهِ قُرصاً مُدمَجاً للوحاتِ الكتابِ كاملةً ، إضافةً إلى صورٍ متحرِّكةٍ لإيضاحِ بعضِ الحقائقِ الصوتيَّة وإبراز خفايا ما يجري في زوايا الفمِ عندَ نُطقِ الحروفِ يَصلحُ هذا القُرصِ على الحواسبِ وأجهزةِ الإسقاطِ الجِدارِيَّة .

وما كانَ لهذا العملِ أن يَبرُزَ على هذه الصورةِ التي هو عليها ، لولا الله ثم الجهودُ القيِّمةُ التي قامَ بها الأستاذُ تيسير العَرْند حفظه الله ، فإنَّه قد سخَّر كلَّ علمِه بالخطِّ والرسمِ والتصميم ، وما أكرَمه الله به من حسٍّ فنِّيِّ لتجسيدِ كثيرٍ من المعاني التي كنتُ أَحارُ في كيفيةِ وصفهِا للمُتعلَّمِ ، لأنّها من خفايا الأمور التي تجري داخلَ الفم ،

 فقامَ الأستاذُ تيسير بتجسيدها عن طريقِ رسومٍ ثابتةٍ ومتحركةٍ تشرحُ غوامضَ تلكَ الأمورِ وتُجَلِّي حقائقها ، وذلك بإشرافي ومُراجعتي .

ولا بدَّ لي من التذكير هنا أنَّ تلقِّيَ القرآنِ الكريمِ تلقِّيانِ : تَلَقٍّ منطوقٌ ، وتلَقٍّ مكتوبٌ ، فالتلقِّي المنطوقُ من أشياخِنا لهُ نقلُه ، والتلقِّي المكتوبُ مما دوَّنه أئمتُنا في مصنفاتهم له ضبطُه، ولا يُغني أحدُهما عن الآخَر ،
 فهذا الكتابُ وما ماثلَه من كتبِ التجويدِ تَضبِطُ المسائلَ وتحرُسُ التلقِّي من الانحرافِ بسببِ الإلْفِ الَّلهجيِّ أو اللُّغويِّ ، ولكنَّهُ في الوقتِ نفسِه – لا يُغني عن الجلوسِ إلى شيخٍ مُتقِنٍ مُلَقِّنٍ ، يُوقِفُ الطالبَ على الأداء الصحيحِ لنُطقِ الحروفِ العربية .

وإتماماً للفائدة فقد ألْحَقتُ بأبحاثِ الكتابِ فصلاً عن مراحلِ تطوُّرِ كتابةِ وضبطِ المُصحفِ الشريفِ وفصلاً آخرَ عن حفظِ القرآن الكريمِ وما يتعلَّقُ به من أمورٍ مهمَّة .

أسألُ اللهَ – عزَّ وجلَّ – أن ينفعَ بهذا الكتابِ أساتذةَ القرآنِ وطلابِهِ في شتَّى بلادِ المسلمين ، لنَصِلَ سويّاً إلى التلاوةِ التي تُرضي الله ورسولَه حتى نُحافظَ على الأداءِ القُرآنيِّ سليماً كما وصل إلينا ، ونَنقُلَه بالدِّقة نفسِها إلى ما بعدنا من أجيال المسلمين ، متَّبِعينَ غيرَ مُبتدعين ، اللهمَّ آمين ، 

وصلى الله على سيدِنا ونبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلهِ وأصحابِه أجمعين ، والحمدُ لله ربِّ العالمين .

جُدَّة 16/6/1430هـ ، الموافق 9/6/2009م . خادم القرآن الكريم الدكتور أيمن رشدي سويد